دخلت شركة "مايكروسوفت" كتاب "غينيس" للأرقام القياسية، لتصميمها الغرفة الأكثر هدوءً في العالم، وفق ما ذكر موقع "تك إنسايدر" المتخصص في الأمور التقنية، حيث صمم فريق من الشركة الأميركية غرفة هادئة تتمكن فيها من أن تسمع صوت احتكاك عظامك ببعضها، ويستعين الفريق بهذه الغرفة لإدخال تغييرات دقيقة على الجيل الجديد من الأجهزة الإلكترونية لبلوغ المستوى الأمثل من الأداء والكفاءة، بحسب موقع "بي بي سي".
إذا توقف لوسال مونرو عن الحركة للحظات معدودة في غرفة "مكتبه"، قد يحدث شيء مزعج، إذ يمكنه سماع تدفق الدم في أرجاء جسمه، وصوت حركة مقلتي العينين داخل الجمجمة، وذلك بينما يعمل الكثير من الناس في أماكن تختلط فيها أصوات نقر لوحات المفاتيح مع ضجيج ثرثرة الزملاء، وطنين أجهزة الكومبيوتر، إلا أن مونرو محاط بصمت يكاد يكون مطبقًا، إذ يعد مكتبه المكان الأكثر هدوءً على وجه المعمورة، كما يروي صحافي الـ"بي بي سي".
وتقبع هذه الغرفة المصممة بشكل خاص في قلب المبنى رقم 87 في مقر مؤسسة "مايكروسوفت" في ريدموند، في العاصمة الأميركية واشنطن، ويضم هذا المبنى مختبرات أجهزة الكومبيوتر الخاصة بالمؤسسة، ففيه طُورت منتجات من قبيلوت أجهزة الكومبير "سيرفيس"، ومنصات ألعاب "إكس بوكس"، ونظارات الواقع المعزز "هولولينس".
أسس مهندسو "مايكروسوفت" الغرفة التي تُعرف باسم "الغرفة عديمة الصدى" لمساعدتهم في اختبار معدات جديدة كانوا بصدد تطويرها. وفي عام 2015، حققت الغرفة الرقم القياسي من حيث الهدوء، إذ بلغ مستوى الضجيج في تلك الغرفة 20.6 ديسيبل تحت الصفر، والديسيبل هو وحدة قياس شدة الصوت، وهذا يعني أنك ستجهد أذنيك بشدة لكي تسمع صوتًا داخل الغرفة، ولتوضيح الصورة، تبلغ شدة صوت الهمس نحو 30 ديسيبل، في حين أن صوت التنفُّس لا يتعدى عشرة ديسيبل، أما شدة الصوت في الغرفة، فهي تقترب من الحد الأدنى الذي يمكن بلوغه قبل الدخول في الفراغ، حيث لا يوجد وسط تنتقل خلاله الموجات الصوتية، إذ يقدر مستوى الصوت الناتج عن تصادم جزيئات الهواء مع بعضها عند درجة حرارة الغرفة بنحو 24 ديسيبل تحت الصفر، ويُقدَّر الحد الأدنى لمستوى الصوت الذي يمكن للبشر سماعه بنحو صفر ديسيبل، إلا أن عدم قدرة البشر على سماع الصوت لا تعني أنه لا يوجد صوت، ولهذا من الممكن الحصول على قيم سالبة عند قياس مستوى الصوت.
ويقول مونرو: "تعد تجربة المكوث داخل الغرفة عندما يكون الباب مغلقًا فريدة من نوعها، فإذا توقفت عن التنفس ستسمع دقات قلبك وسريان الدم في عروقك، ولهذا لا أغلق الباب في الغالب عندما أكون داخل تلك الغرفة"، واستغرق تصميم وبناء الغرفة ما يقرب من عامين، ويستخدمها الآن فريق مونرو لاختبار الأجهزة التي تطورها شركة "مايكروسوفت" اختبارًا دقيقًا وشاملًا، كما استغرق البحث عن المبنى الهادئ الذي يمكن بناء الغرفة فيه نحو ثمانية أشهر.
وكانت صحيفة "دايلي ميل" البريطانية نشرت في عام 2012 في معرض حديثها عن مختبرات "أورفيلد"، المكان الأكثر هدوءا في العالم منذ عام 2004، أنه لا يمكن للإنسان البقاء في هذه الغرفة أكثر من 45 دقيقة وإلا أصيب بالهلوسة، وهي مصنوعة من مواد عازلة للصوت بنسبة 99.99 في المائة، فيما أفاد رئيس قسم هندسة العوامل البشرية بشركة "مايكروسوفت"، وقائد الفريق الذي تولى بناء الغرفة عديمة الصدى هوندراج غوبال: "هذا العزل له أثر كبير"، فالغرفة نفسها قائمة على 68 نابضاً (زُنْبُرُك) لامتصاص الاهتزازات، وثبتت هذه النوابض على طبقة أساس خرسانية مستقلة، مضيفًا: "هذا يعني أن الغرفة ليست على اتصال مباشر بالمبنى المحيط بها على الإطلاق، ولهذا استغرق بناؤها ما يزيد على عام ونصف العام، وأحيانًا أقول مازحًا إنني قد تقدم بي العمر ست سنوات في أثناء البناء".
صممت الغرفة "عديمة الصوت" على هيئة مكعب، تبلغ أبعاده من جميع الاتجاهات 21 قدمًا، وكل سطح من الستة أسطح مبطن بمجموعة من اللوحات السميكة مستدقة الحواف المصنوعة من مطاط إسفنجي يمتص الصوت، يبلغ طول الواحدة منها أربعة أقدام، وتحول هذه اللوحات دون ارتداد صدى أي صوت يصدر من داخل الغرفة على جدرانها، وصنعت أرضية الغرفة من كابلات فولاذية، من النوع نفسه المستخدم في إيقاف الطائرات الحربية عند الهبوط على حاملة الطائرات، نُسجت مع بعضها بعضًا في صورة شبكة تشبه شبكة الترامبولين، ورصت من تحتها مجموعة من الألواح المستدقة المصنوعة من المطاط الإسفنجي، وتستخدم الغرف الكاتمة للصوت من جانب الشركات المختلفة في أرجاء أميركا، لاختبار مدى جودة منتجاتها من حيث الصوت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق